اغنية لفيروز، برنامج صباحي سخيف، نشرة أخبار، برنامج صباحي لبناني باللغة الفرنسية، أغنية أخرى لفيروز، برنامج صباحي لبناني باللغة الانكليزية، نشرة أخبار، صلاة، أغنية لفارس كرم. هكذا تتسلسل اذاعات الراديو اللبنانية عند كلّ صباح. هذه يوميّاتنا. نستمع لنصائح بديهية في الحب والوطن من مذيعة نفذت من الأفكار، ومن ثم نستمع لمداخلة من مواطن يائسٍ اتصل ليقول الصرخة نفسها، وهو يعلم وكلّنا نعلم أن لا حياة لمن ينادي. أما فيروز الاسطورة، فاختصروها ببضعة أغاني يكررونها يوميّا وأطفؤوا الضوء على موسوعة من الرقي والفن.
وهذا هو الجيل القديم، غارقٌ بين الاخبار نفسها، الشكاوى نفسها، الصلاة وانتظار غودو، والبكاء على أطلال الرحبانيات. أمّا الجيل الجديد، فله البرامج التي تتناول أخبار فنّاني ومبدعي الغرب. كيف لا ومعظم مبدعي لبنان يهاجرون وطنهم لأنه لا يرضي طموحهم؟ فلا الجيل القديم راض ولا جيل الشباب يستمتع فن وثقافة بلاده. نجد شباب اللبناني يهتمٌ بأخبار وفنون الغرب أكثر بكثير من اهتمامه بكل ما يتعلق بوطنه ويأتي الراديو ليزيد الطين بلة. أو ليس الراديو إعلاماً مسموعاً وعلى القيمين متابعة برامجه لتحاكي اذواق و أعمار المواطنين؟
والراديو صادق، مواقع التواصل الاجتماعية قابلة للخداع. الراديو يظهر حقيقة مجتمعنا كما هي: مؤلم، سخيف، يعيش على أمجاد الماضي، يائس، عاجز، وينتظر معجزة الهية. هذا واقع الراديو في لبنان, و هذه الحياة اليومية لكل مواطن لبناني يقود سيارته أو يستخدم سيارةً لينتقل من مكان الى آخر. فما نستمع إليه يومياً يصف صورة مجتمعنا ودرجة الثقافة والوعي الإجتماعي. على المؤسسة الإعلامية في لبنان أن تتنبه لمخاطر برامج الراديو اليومية لتبث الوعي وتوجه الأذان لما هو مطلوب لأن المؤسسات الإعلامية ومنبرها هي الأساس في تربية وتنشئة المواطنين. فهي بأختصار تلعب دور المدارس والجمعات.